العولمة و إفراز التناقضات
March 24, 2016
العالم الافتراضي إلى أين …؟
March 28, 2016

! الإعلام سلطة أم تَسلط

لا يخفى على أحد الدور المحوري الذي يقوم به قطاع الإعلام في العالم بأسره وتزايد أهميته بوتيرة قياسية لدرجة أننا لا نستطيع متابعة الأحداث التي تًرد علينا عبر وسائل الإعلام ناهيك عن استيعابها وفهم ما يجري. فالإعلام حاليا لا يقتصر على نقل ما يحدث بل أصبح وراء ما يحدث وسببا لما سيحدث
بالمعنى الكلاسيكي فإنه يصنف كسلطة رابعة بعد السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية و السلطة القضائية، غير أن هذا التصنيف أصبح متجاوزا منذ عقود خلت خصوصا بعد اندلاع ثورة المعلومات و بداية عهد ما يسمى بعصر المعلومات منذ الربع الأخير من القرن المنصرم، إذ يتميز هذا العصر بتدفق وتوافر المعلومات بفضل سهولة عملية معالجتها و نقلها عبر أجهزة الكمبيوتر. فالمعلومة أضحت في غاية الأهمية وأصبحت بمثابة معيار التباين بين الفقير والغني بمعنى الدول المتقدمة ونظيرتها المتخلفة
فكلمة إعلام اصطلاحا تعني إخبارا، أي جعل الفرد على علم و معرفة. أما مصطلح معلومات فهو واسع الاستخدام يوظَّف لعدة معاني وهو غالبا ما يكون مرتبطا بمصطلحات من قبيل المعنى، المعرفة، التعليمات، التواصل… وتتميز المعلومات بخصائص فريدة ونوعية، فهي ذات قدرة هائلة على التشكيل وإعادة الصياغة، قابلية عالية للاندماج، كما أنها تتميز بالوفرة و لا تتأثر بالاستهلاك خلافا للاقتصاد المادي المبني على الندرة إذ تتحدد قيمة المادة حسب ندرتها. كما أنها سريعة الانتشار خصوصا مع قدوم التكنولوجيا العالية و عصر الانترنت
فدور الإعلام كما هو معروف لدى الجميع هو نقل الخبر أو المعلومة، و تخضع عملية النقل هاته لسلسلة من العمليات القبلية كالرصد و التشكيل من أجل خدمة المتلقي و تنوير أفكاره غير أن هذا الدور يظل مصنفا ضمن المثاليات أو عالم الجماليات إذا صح القول. فالاعلام صار سلطة إخضاع ، اختراق وتكريس لا راد ة نخبة معينة بطريقة ناعمة ومرنة، لذا يطلق عليها بالسلطة الناعمة، غير أن الغريب في الأمر هو أن هذه النعومة تحولت إلى عنف ووقاحة بعد تغاضي الإعلام عن أخلاقيات و أدبيات المهنة و انكبابه على خدمة أجندة خبيثة منافية لجميع الأعراف. فغالبية الأخبار التي تردنا تظل مزيفة أو مصطنعة و تقف وراء نشوب مجموعة من النزاعات والحروب في بقاع متعددة. فالسبق الصحفي يختزل في صنع الإثارة و مفاجأة الرأي بغض النظر عن نوعية الخبر ومدى حدة تأثيره على نفسية الأفراد. فالاعلام حاليا يوجه عقلية وطريقة تفكير السواد الأعظم من الشعب المسلوب إرادة اختيار أو محاولة القيام بإجراء لعملية النقد الذاتي والفحص لما يرد عليه من أخبار ومعلومات. فالاعلام بذلك يصير سلطة وتَسلٌّطا على الشعب في الوقت ذاته. فهو بمثابة كائن سافل خبيث ووقح لا يعرف الخجل و يقتحم جميع البيوت دون استثناء إذ يطرح إمكانية المواكبة أو الإقصاء ولا يدع مجالا للاختيار
رغم تناسل عدد القنوات الفضائية، الجرائد الورقية أو الإلكترونية، والمجلات غير أنها تستجيب لأغراض نفس النسق وتخضع لنفس التعليمات. فالخبر حول العالم يبقى محتكرا بأيدي وكالات إعلام معدودة على أصابع اليد كرويترز، وكالة فرانس برس،وأسوشيتد برس. وواقع الإعلام في العالم نسخة طبق الأصل لواقع التنمية في دول الشمال ودول الجنوب، كيف لا و الإعلام يقترن برؤوس الأموال وصناع القرار. أما عن إعلام دول العالم الثالث فهو إعلام بليد و متجاوز يعيش على بقايا ما يرده من الإعلام الغربي. فهو إعلام خاضع للدواليب السياسية بكيفية مفضوحة و بدائية ويخدم إرادة الفرد الواحد المحتكر لكل شيء

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *