التعصب للرأي وحوار الجهالات
April 27, 2016
مقاربة لمفهوم الفقر
May 6, 2016

الذاكرة الجماعية

الهشاشة في خدمةِ الحاكم

الهشاشة في خدمةِ الحاكم

ربما نعيش أحلك مظاهر الانحطاط في تاريخ أمتنا الإسلامية. تتكاثر الغرائب والعجائب و المتناقضات حتى صار الصحيح استثناءا، و السيئ قاعدة. كما تتشعب المظاهر و التجليات و تنتج بذلك نسقا وضيعا منفردا يعلو فيه الوضيع و السافل ويوضع من خلاله المترفع المستقيم. انفجرت جميع النزعات النفسية الخبيثة و أصيبت المجموعة بجميع أنواع السرطان. لذا يجب بثر جميع الأعضاء المصابة إذا لم يبتر الجسم بأكمله
تعلو الأنانية و الفردانية فيتقهقر أداء المجموعة، تطغى المظاهر فتعطل القيم والأخلاق، فتشكل الأنانية، الإعجاب بالنفس و الجحود أركان الدين الجديد
نعتز بأمجاد الماضي ورجالاته غير أننا لا نعرف شيئا عنهم. نحتكر صفة التميز و مهمة حمل مشعل الدين الإسلامي ولم نقدم له شيئا. نتكلم أكثر مما نتبع السبل
من مكامن تخلفنا وانحطاطنا عدم اهتمامنا بالذاكرة الجماعية و تهميش دورها المحوري في أي نمو أورقي. لا نعير للماضي اهتماما و لا نريد دراسته.يحجم دور المورخ ويجهل بذلك دور خبراء دراسة المستقبليات
من المناقض الاعتزاز بالذاكرة الجماعية رغم جهل كل تفاصيلها و أسرارها. فنحن قوم لا ندرس تاريخنا ولا نبدي أي رغبة لفعل ذلك، نهمش رموزنا التاريخية و نكافئها بالجحود والامبالاة. ننسى بسرعة ولا نتذكر إلا ما نريد. نعيش واقعا من فقدان الذاكرة يتجلى في تدنيس المعالم التاريخية، هجرة المراجع العلمية واحتقار مضامينها، عدم التفكير في انجازات رجالات الماضي رغم الاعتزاز بها وسردها من وقت لآخر كنتيجة للهروب من الحاضر القاتم بكل أزماته
فالذاكرة اصطلاحا تعني قدرة النفس على الاحتفاظ بالتجارب السابقة و استعادتها. لذلك فعند صعوبة تذكر شيئا ما نقول خانته الذاكرة بمعنى نسيَّ. أما عند ثبوت خلل في أداء الذاكرة نقول حينئذ أن فلانا يعاني من خلل أو قصور في الذاكرة. غير أننا هنا بصدد الحديث عن الذاكرة الجماعية لبلد معين، وما ذكرناه عن المعنى الاصطلاحي لكلمة » ذاكرة » يقاس على مفهوم الذاكرة الجماعية
فالذاكرة تمثل غنى الشعوب وضمانة استمراريتها. تتجسد في الإرث الثقافي و الحضاري للمجموعة ككل نتيجة لتراكم انجازاتها المادية والمعنوية على جميع الأصعدة من فكر، اقتصاد، سياسة، علوم إلى كل ما هو اجتماعي
الذاكرة تكتنز مكامن القوة و الضعف للبلد، تفسر مقومات النهضة وأسباب التراجع إذا ما استخلصت الدروس و العبر عبر دراسات مستفيضة للحقبة المادية فالتاريخ يشهد أحداث دورية تتكرر عبر دورة أحداث تعيد نفسها في أشكال مختلفة و متجددة غير أن المضمون واحد
كما أنه لا يمكن التخطيط للمستقبل دون دراسة الماضي لفهم الحاضر و تجاوز عوائق النهضة
خير مثال على ما نقول، إمبراطورية اليابان التي تستمد قوتها من ذاكرتها رغم تخلف معتقداتها الدينية. كما أن نهضتها استمدت من النهضة الغربية لكن بطريقة أصيلة وذكية إذ تم استيعاب كل ما هو غربــــي و مفيد داخل الثقافة المحلية. فالياباني إنسان حضاري في سلوكه متمسك بذاكرته وفخور بما خلفه الأجداد
لذا فالمطلوب إحياء الذاكرة ورفع صبغة الجمود عنها، عبر دراستها و إعادة الاعتبار للعلوم التي تهتم بها. بعث روح الديناميكية في مراكز التوثيق لجعلها موردا للمعلومات وليس فقط بنايات تحتضن مجموعة من المتقاعسين عن العمل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *