
استلقت السيدة على أريكة العلاج النفسي بعدما ضاقت بها الدنيا وأوصدت أبواب الانفراج وتعسرت أمامها السبل ودفعها الإحباط إلى التماس خدمات العلاج النفسي لعلها تجد الطمأنينة وتستعيد الثقة في النفس والحيوية. كانت إمرأة في منتصف العمر، استقر القلق في عينيها الغائرتين واستحوذ التعب على تقاسيم الوجه في تجسيد جلي لما يسكن الخوالج من قلق واضطرابات وتجاذبات نفسية وذهنية. كانت السيدة تنظر بتمعن إلى السقف غير مدركة لحقيقة ما ترى في الأعلى ما دام التركيز منكبا على شيء آخر و الكلمات تتدفق بحرية وحكمة وتريث. بجانبها يجلس طبيب نفسي في استماع لما تقوله بتمعن واهتمام وتدبر.
قالت: منذ ولادتي القيصرية وأنا أحمل لقب الحرية، ألزم طرف لسان الغالبية من الناس. أنال من التلفيق والاستلاب والاحتيال مالا يطيقه جبروت الجبال. وجدت نفسي وعاء الأكاذيب والأوهام والمفاهيم الخاطئة وأداة لتصريف الاضطرابات النفسية والأطماع البغيضة. يتوهم الجميع بامتلاكي ويدعون ذلك ويتفاخرون به، لكن حقيقة لا أحد يقترب حتى من ظلي. لم أتحول إلى حقيقة تحظى بالتمثل المستحق في تجليات الواقع المعيش بل أبقى طموحا ورغبة وموضوع نضال وكفاح، فيما تضيع هويتي ويستخدم اسمي بلا هوادة في تكريس الهيمنة والسيطرة وحب التملك والتفوق.
تم نشر القصة على رأي اليوم 08 يناير 2025 أنقر